تكبلها القيود والرقابة.. السينما السودانية مستقبل تسوده التحديات

 


السينما السودانية، على عكس نظرائها في كثير من الدول العربية، لم تنجح في تأسيس صناعة دائمة ونابضة بالحياة. الوضع الراهن يعكس تحديات كبيرة تتعلق بالبنية التحتية، التمويل، والدعم الحكومي، والقيود الثقافية والدينية. في الخمسينات، كانت هناك بدايات واعدة مع وجود صالات سينما في كل مدينة رئيسية، لكن هذا البناء لم يستمر بسبب التحولات السياسية والاجتماعية التي شهدها السودان على مر العقود.


بعد الاستقلال، كان العرض هو الأمر السائد في مجال السينما السودانية، حيث كانت الأفلام المصرية والأمريكية تهيمن على الساحة بسبب النقص في الإنتاج المحلي. لم تتمكن محاولات التأسيس لشركات إنتاج سودانية من تحقيق نجاح دائم، وكانت العوائق المالية والتقنية واضحة المعالم. علاوة على ذلك، تعرضت السينما لضغوط من الرقابة والقيود السياسية خلال فترات حكم مختلفة، مما أدى إلى إغلاق صالات العرض ومنع عرض الأفلام التي تعتبر غير ملائمة بموجب معايير دينية أو سياسية.


في العقد الأخير، عاشت السينما السودانية موجة صغيرة من النشاط، حيث أُعيد فتح بعض الصالات وأُنتجت أفلام بارزة مثل "الحديث عن الأشجار" و "ستموت في العشرين" و "وداعاً جوليا". هذه الأفلام حازت على جوائز دولية وأشادت بها النقاد، ولكن مستقبل السينما السودانية يظل محفوفاً بالتحديات. الاستدامة المالية والدعم الحكومي اللازم لدعم الإنتاج السينمائي لا يزالان مفقودين، مما يجعل من الصعب على المخرجين والفنانين تحقيق أعمال مستقلة بشكل مستدام.


بالتالي، يبقى تحقيق تقدم في مجال السينما السودانية تحدياً كبيراً يتطلب إجراءات جذرية تشمل تعزيز البنى التحتية السينمائية، وتوفير تمويل مستدام، وتخفيف القيود الثقافية والدينية التي تحد من إبداع الفنانين. إذا تمكنت الحكومة والمجتمع المدني من التعاون على هذه الجوانب، قد ترى السينما السودانية يوماً ما إعادة انتعاشاً حقيقياً يضعها على الخريطة العالمية بشكل دائم ومستدام.


تعليقات